الفاكس… أحدث ماتوصلت إليه التكنولوجيا
لا يكاد يمرّ يوم إلا وتطل علينا أخبار جديدة ومثيرة للدهشة والإعجاب حول اشتداد المنافسة بين دول الجوار على تقديم أفضل الخدمات لمواطنيها، والسعي جاهدة الى توفير
سبل الراحة لهم بكافة فئاتهم، وتجعل منها شغلها الشاغل
فتارةً نتابع نشرَ اسبتبياناتٍ لقياس مدى سعادة المواطنين بالخدمات التي تؤمنها لهم حكوماتهم، وأخرى استطلاعاتٍ للرأي حول مدى رضى المواطنين والمقيمين على حد سواء بتلك الخدمات، وثالثة دعواتٍ لتقديم آراء واقتراحات حول أفضل الحلول للسير قُدُماً بالبلاد في طريق التطور والازدهار.
فالعالم اليوم في سباق مع الزمن للتنافس على المراكز الأولى في شتى المجالات، وهذا مايوجب على الحكومات أن تأخذ بزمام المبادرة بلا تردد. ولايخفى علينا أن مدى تقدم أي دولة في العالم إنما يُقاس بمستوى وسرعة إنجاز الخدمات الحكومية فيها.
فلو اخذنا على سبيل المثال وزارات التجارة في الدول المتقدمة مثل بريطانيا، ألمانيا وامريكا، تقاس سرعة إنجاز معاملة ما، كإصدار ‘رخصة تجارية’ بالأيام، وفي دول أخرى كالإمارات وسنغافورة تقاس المدة بالساعات.
وتأتي اليوم المملكة العربية السعودية لتفاجئ العالم أجمع بالسرعة الفائقة في إنجاز مثل هذه المعاملات بمدة قياسية لا تتجاوز ١٨٠ ثانية!!
وفي ظل التطور الكبير للخدمات الإلكترونية في تسهيل وتسريع كافة المعاملات، فإن حكومتنا ممثلة بوزارة التجارة والصناعة لا تزال تتعامل مع المستثمرين، مع بالغ الأسف، وكأنهم موظفون عندها، متحديةً التوجه العام للدولة نحو جعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا عالميا، فكيف نصبح كذلك في حين ان مدة إنجاز هذه الوزارة لمعاملات هؤلاء المستثمرين التي لاتزال تستغرق شهورا!
والأَمرّ من ذلك، قيامها بطرد المندوبين ورفضها تسلّم معاملات الشركات التي يمثلونها، وفرضها حضور المستثمرين شخصيا ليسلّموا ويتسلّموا معاملاتهم بحجة حدوث تزوير من قِبل ‘بعض’ مندوبي تلك الشركات!
بالطبع، حسب النظام المتبع حالياً سيكون هنالك ‘تزوير’… فالعالم من حولنا يتقدم والحلول الأمنية متاحة إلكترونياً، لكن كيف السبيل إلى إقناع مسؤول يتربع على عرش منصبه وفي تصوّره أن ‘الفاكس’ هو أحدث ماتوصلت إليه التكنولوجيا؟
فلمَ لا يتعلم امثال هذا المسؤول من تجارب بعض الأجهزة المتقدمة في الدولة كـ’لجنة المناقصات المركزية’ و’الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات’ حيث يتم إنجاز المعاملات إلكترونياً عن طريق الإنترنت دونما حاجة للحضور الشخصي لأصحابها؟
ياسادة، إذا كان الزمن قد توقف عندكم ولا مقدرة لديكم على مواكبة التطور، فالاولى بكم أن تتنحّوا عن مناصبكم وتفسحوا المجال لغيركم ممّن لديهم الخبرة والرغبة في العطاء والتطوير، فكم هو جميل التنافس الشريف والبنّاء لرفعة الدول والأمم، وكم هو أجمل لو كان هذا الشرف لدينا؟!
لكن كيف يتحقق لنا ذلك إذا كان ‘أغلب’ مسؤولينا تجاراً ويستغلون مناصبهم لمصالحهم الشخصية؟ وكيف إذن لا يفعلون المستحيل لعرقلة وإقصاء جميع منافسيهم ليستأثروا، دون سواهم، بأكبر قدر ممكن من الفوائد والأرباح؟!