الإنجازات العظيمة
تطرقتُ في مقالتي الأخيرة التي نشرت في جريدة “الجريدة” يوم الثلاثاء الموافق ١٩ أغسطس ٢٠١٤ تحت عنوان
اعمل نفسك ميت!” إلى سبب ضعف بعض المسؤولين في البلاد،، وحاولت جاهدا ألا يكون في طرحي أسماء اشخاص بعينهم وذلك حتى لا يتم اتهامنا بتصيّد أخطاء الآخرين، مع العلم بأن انتقاد أي شخصية عامة هو حق مشروع لأي مواطن. ـ
لكن المؤسف أنه في الوقت الذي نحاول جاهدين أن نستر عيوب البعض، يجاهر هؤلاء بها علانية من خلال تصرفاتهم، الأمر الذي يجبرنا على أن نتطرق إليهم بالاسم، لعل وعسى أن يتم أخذ ما سنسلط عليه الضوء في هذا المقال بعين الاعتبار، وأنه من باب النصح والإرشاد لا أكثر. ـ
وسأتطرق اليوم إلى أحد القياديين في وزارة تعتبر من الوزارات الرئيسية في البلد، إن لم تكن الأهم. ـ
إنها وزارة المالية متمثلة بوكيلها، الذي تجولت في حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي على الانستغرام والتويتر ورأيت حجم “الإنجازات العظيمة” التي يضطلع بها لخدمة وطنه. ـ
فهل يعقل، على سبيل المثال لا الحصر، أن مسؤولا قياديا رفيع المستوى في مثل مقامه ان يستعرض ساعته وسيارته الجديدة على العلن (نسأل الله أن يعطيه خيرهما ويكفيه شرهما) بدلا من ان يستعرض إنجازاته بالدولة؟
أو أن يمسك رزمة من النقود يستعرض بها أمام الملأ متناسيا أن ذلك قد يجرح مشاعر البعض من الذين لايملكون قوت يومهم علما بأن الوزارة ادرى بهم؟…وكيف لاتعرف وهي المسؤول الأول عن صندوقيّ “المتعثرين” و”دعم الاسرة”! ـ
أو أن يتذمر من أداء مهام عمله بدلا من ان يسعى جاهدا لانجاز الامور الموكلة اليه والمتراكمة بسبب بطء وضعف الأداء الوزاري؟
أو أن يَسعد بخلو شوارع بلاده من البشر خلال فترة الصيف (مع تحفظي على أخطائه الإملائية) بدلا من ان يعمل على توفير الخدمات التي من شأنها أن تجعل المواطن لايفكر بالسفر للسياحة في الخارج، ومن ان يستقطب السياح من الخارج بالمقابل؟…وهذا علما بأن وزارته هي المسؤولة عن كافة المرافق السياحية في البلاد من حيث إدارة عقودها ومتابعتها، ومنها “شركة المشروعات السياحية”! ـ
أو أن يتفاخر بالسفر على متن كبرى شركات الطيران العالمية والخليجية ومنها “طيران الاتحاد” و”الإماراتية” بدلا من دعم “شركة الخطوط الجوية الكويتية” الناقل الوطني لبلاده؟… والأكثر من ذلك أنه ساهم في محاولات مخجلة لسحب أحد أصولها والمتمثلة بمبنى الشركة في شارع فهد السالم بحجج واهية! ـ
وغيرها الكثير… مع العلم بأنني من مؤيدي الحرية الشخصية وبأن كل إنسان له الحق في عمل مايريد بعيدا عن الإساءة وعن التعدي على حريات الآخرين. فإن كان رد القيادي إيجابياً على ذلك، كان من الأولى به أن يجعل حساباته شخصية أو خاصة، تقتصر على أحبائه والمقربين له، بدلا من أن تكون مفتوحة للعلن. ـ
وقد جاء في الصحيحين عن أبي حُميدٍ الساعدي رضي الله عنه قال : (اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ الْأزدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَفَلَا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَتَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْكَ أَمْ لَا، ثم َقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا)ـ
اللهم هل بلغت. ـ